صحيح البخاريصحيح البخاري
للإمام البخاري
وهو الإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري الجعفي رحمه الله تعالى
ضبطه، ورقمه، وذكر تكرار مواضعه، وشرح ألفاظه وجمله وخرج أحاديثه في صحيح مسلم، ووضع فهارسه الدكتور مصطفى
ديب البغا دكتوراة في الشريعة الإسلامية من جامعة الأزهر أستاذ الحديث وعلومه في كلية الشريعة - جامعة دمشق.
الجزء الأول
مقدمة الشارح
-بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، الذي أنزل على عبده الكتاب ليكون للعالمين نذيرا. والصلاة والسلام على سيدنا محمد بن عبد الله، الذي
أرسله الله تعالى رحمة للناس، وآتاه الحكمة وجوامع الكلم، وعلمه ما لم يكن يعلم وكان فضل الله عليه عظيما، وعلى آله وصحبه
ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد فإن السنة هي المصدر التشريعي الثاني - من المصادر المتفق عليها لدى المسلمين - بعد كتاب الله عز وجل، فهي أصل
من أصول الدين، ومنها خصيب للتشريع، ودليل أساسي من أدلة الأحكام، تعرفنا حكم الله سبحانه وتعالى في كل كبير وصغير،
فهي جامعة مانعة، عامة شاملة، لا تفوتها شاردة ولا واردة إلا وقد أعطتها حكما شرعيا، فيها بيان لما كان وما سيكون، وفيها
تنظيم عملي رائع لشؤون الحياة، مستوحى عن الله تعالى خالق الحياة ومن يحيا، ومرتبط بمالك الملك والملكوت، الذي لا يعزب
عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء. فقلما تحدث حادثة أو تنزل نازلة إلا ونجد في السنة المطهرة الحكم الشافي والبيان
الوافي لها. وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المبلغ عن ربه: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} /المائدة: ٦٧
/.
وهو المبين مراد الله عز وجل فيما أنزل: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما أنزل إليهم} /النحل: ٤٤ /. فالسنة المطهرة تأكيد لما
بين كتاب الله من أحكام، وتفصيل لما أجمل، وتقييد لما أطلق، وتخصيص لما هو عام، أو تشريع لما سكت عنه القرآن، ولكنه
تطبيق لقواعده العامة ،وأصوله المقررة، ومستمد منه.
./ ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو المظهر العملي لشريعة الله تعالى، فهو المكلف الأول: {وأنا أول المسلمين} /الأنعام: ١٦٣
{وأنا أول المؤمنين} /الأعراف: ١٤٣ /. وهو القدوة الصالحة: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} /الأحزاب: ٢١ /. وهو الذي
٤/. وهو الذي أدبه ربه فأحسن تأديبه، وهو - يتلقى الوحي من السماء: {وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى} /النجم: ٣
الذي قذف الله النور في قلبه، وأجرى الحق على لسانه، وجعل طاعته من طاعته، ومعصيته معصية له سبحانه: {ومن يطع
/. الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا} /النساء: ٨٠
لهذا كله كانت السنة المطهرة، في مجمل أحكامها وتشريعاتها - من حيث وحوب العمل بها - بمنزلة كتاب الله تعالى، فما ثبت
فيها فهو ثابت بوحي من الله سبحانه، وأمر منه وتكليف: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} /الحشر: ٧/. وعليه
فالسنة حجة على المسلمين بلا خلاف، وقد أجمع علماء الأمة على أن من أنكر حجتيها عموما فهو كافر مرتد عن الإٍسلام.
وإذا كان الأمر كذلك، فلا بد للمسلمين من الرجوع إلى ما نقل عنه صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير، والأخذ بما ثبت
منه، ليعمل به. ولقد بذل السلف الصالح من العلماء جهودا مشكورة في خدمة دين الله عز وجل، فدونوا لنا أحاديث رسول الله
صلى الله عليه وسلم في مصنفات، تنوعت أساليبها واختلف شروطها، وكان من أفضها وأصحها [الجامع الصحيح] لأبي عبد الله
محمد بن إسماعيل البخاري، الذي تلقته الأمة بالقبول، وأولته عناية الدراسة والتقرير، وتناولته بالشرح تارة والاختصار تارة
أخرى. واقبل عليه طلاب العلم يقرؤون متنه، ويحفظونه عن ظهر قلب. ولا غرابة، فهو المرجع الثاني - بعد كتاب الله عز وجل
- في دين الله تعالى، وهكذا نجد المدارس والجامعات في العالم الإسلامي، ما زالت تعنى به دراسة وحفظا، وبعضها تقرره في
مناهجها، ليقرأ من أوله إلى آخره في مختلف صفوفها.
واسم صحيح البخاري كما سماه مصنفه: (الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه
وأيامه.(
وهذا الكتاب على مكانته وأهميته، واحتياج كل مسلم إليه - ولا نبالغ في القول إذا قلنا: يجب أن توجد في كل بيت مسلم نسخة منه
على الأقل - هذا الكتاب لا نزال نجد أكثر طبعاته، إذا لم نقل جميعها، على النمط القديم، خالية من المزاي الفنية للطباعة الحديثة،
تحشى الصفحة بالأبواب والأحاديث، الواحد تلو الآخر، دون فواصل أو ترقيم، أو بداءة متميزة، مما يجعل القارىء يجد صعوبة
في مطالعته أو الرجوع إليه.
2
أضف إلى ذلك: أنه قلما توجد لهذه الطبعات فهارس فيها شيء من التفصيل، رغم ما يمتاز به هذا الكتاب من كثرة الأبواب - إذ
يغلب أن يجعل القارىء كل حديث بابا مستقلا يترجم له بعنوان - وهذا من شأنه أن يوقع طالب العلم والباحث في حرج ومشقة،
عندما يحتاج أن يراجع حديثا في موضوع من المواضيع أو بحث من البحوث، لا سيما إذا لا حظنا ما يمتاز به البخاري في
صحيحه، من تكرار للحديث في أبواب متعددة ومناسبات مختلفة، بل ربما أتى بالحديث في الباب لأقل مناسبة.
وهذه الصعوبة قد لمستها بنفسي وشعرت بها، حينما أردت أن أتقدم برسالتي في الفقه وأصوله، التي أعددتها لنيل درجة الدكتوراة
من الجامعة الأزهرية في القاهرة - عام ١٣٩٣ ه، ١٩٧٣ م (وقد طبعت هذه الرسالة لأول مرة عام - ١٤٠٠ ه، ١٩٨٠ م
- وموضوعها [أثر الأدلة المختلف فيها - مصادر التشريع التبعية ٠ في الفقه الإسلامي] في دمشق) - وذلك أن رسالتي تحتوي
على الكثير من الأحاديث، التي يحتج بها لافقهاء على ما قروره من أحكام في المسائل الفقهية التي أوردتها في أبحاث الراسلة،
فكنت أجد كل الصعوبة عندما أبحث عن الحديث في صحيح البخاري، للملاحظات التي ذكرتها آنفا، وهذا ما جعلني أفكر بالقيام
بعمل، أخدم فيه الإسلام والمسلمين، بخدمة هذا الكتاب العظيم الأهمية. وحفزني على التفكير جديا بهذا العمل أكثر فأكثر ما لمسته
لدى غيري من طلاب العلم والباحيثن، عندما كنت أشكو لهم ما أجد من عناء لدى مراجعتي هذا الكتاب، فكانوا يبثون إلي شكواهم
بمثل ما أجد، وبعضهم يظهر أسفه لعزوفه عن هذا الكتاب الجليل القدر، وعدم الاستفادة منه، بسبب تلك الصعوبة التي يجدها في
الرجوع إليه.
ولقد عزمت على القيام يتنفيذ ما فكرت فيه، وبدأت العلم بعون الله تعالى وتوفيقه، بعد أن انتهيت من مناقشة رسالتي ونلت
الدكتوراة بفضل الله جلا وعلا، وتهيأت لي الأسباب. وشجعنى على الإقدام على ذلك إخوة لي ناصحون، وزملاء لي في البحث
العلمي مجربون، وأعجبهم ذلك ووافق رغبة في نفوسهم. بعد أن أنجزت جزءا من العمل عرضته على بعض أشاتذتي، ذوي
الفضل علي من كبار علماء هذا البلد العاملين، فسروا بذلك سرورا بلغيا، وأقروا منهجي، ودعوا لي بالتوفيق.
وها أنا اليوم، أقدم للمسلمين في بقاع الأرض هذا الكتاب الذي أحبوه وأكبروه، وأحلوه من نفوسهم المكان اللائق به، موشحا بما
وفقني الله تعالى إليه من خدمة له.
وعملي في هذا الكتاب متواضع واضح، ألخصه بما يلي:
1 - ترقيم الصحيح كتبا وأبوابا وأحاديث، على النحو التالي: -
أ - ترقيم الكتب ترقيما متسلسلا، بدءا من بدء الوحي، الذي اعترته كتابا وأعطيته رقم ( ١) وختاما بكتاب التوحيد، وكان رقمه (
١٠٠ ). وربما أعطيت رقما لمجموعة أبواب في كتاب، إذا كانت ذات موضوع واحد، وأفردت في بعض نسخ الصحيح بعنوان:
أبواب كذا، كما هو الحال في: أبواب الوتر، وأبواب العمرة، ونحو ذلك. وربما خالفت في تقسيم الكتب بعض نسخ البخاري
المشهورة، مستندا إلى ما يذكره الشراح فيما اعتمدته ورجحته.
ب - ترقيم الأبواب ضمن كل كتاب، فكل كتاب أو مجموعة أبواب يرقم ما فيه من الأبواب ترقيما متسلسلا يبدأ من الواحد وحتى
آخر باب منه. وألفت النظر هنا إلى أنني قد حذفت من النسخة التي اعتمدتها كلمة [باب] حيث لم تذكر بعدها ترجمة، معتمدا على
ما يذكره الشراح أحيانا مما يرجح حذفها.
ج - ترقيم الأحاديث ترقيما متسلسلا، من أول حديث في الصحيح وحتى آخر حديث منه، حتى ولو كان الحديث متكررا، فإنه
يأخذ رقما جديدا متسلسلا مع ما قبله وما بعده، كلما تكرر.
ويراعى في هذا الترقيم: أن يبدأ كل كتاب أو مجموعة أبواب ذات رقم، أول صفحة، وأن يكون عنوان كل باب سطرا مستقلا،
وأما الأحاديث فيبدأ كل منها من أول السطر.
2 - وضع علامات الترقيم، من فواصل ونقاط وأقواس وإشارات استفهام ونحو ذلك، وقد راعيت أن يكون كلام رسول الله صلى -
الله عليه وسلم بالذات بين قوسين بهذا الشكل: ( ). وأن تكون الآيات الواردات في الصحيح بين أربعة أقواس بهذا الشكل.{ } :
3 - الإشارة إلى المواطن التي تكرر ذكر الحديث فيها، وذلك بذكر أرقامه في تلك المواطن بعد ذكره أول مرة، وتوضع هذه -
الأرقام في المتن بعد نص الحديث بين معكوفين بهذا الشكل: [ ]. وكلما تكرر الحديث وضعت بعد ذكره حرف [ر: ] فعل أمر من
رأى، أي انظر، وذكرت الرقم الذي ورد به أول مرة. وأذكر مثالا للتوضيح أول حديث جاء في البخاري، قال:
1 - حدثنا الحميدي عبد الله بن الزبير قال: حدثنا سفيان قال: حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري قال: أخبرني محمد بن إبراهيم -
التيممي: أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي يقول: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر قال: سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرىء ما نوى، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو إلى امرأة ينكحها،
فهجرته إلى ما جاهر إليه.(
[54، 2329، 3685، 4783، 6311، 6553].
وهكذا نجد أن البخاري ذكر هذا الحديث في مواطن ستة غير هذا الموطن، ذكرت أرقامها هنا، فإذا رجعت إلى تلك المواطن
]. وجدت الحديث، ولكنك لا تجد هذه الأرقام، وإنما تجد بعد ذكر الحديث: [ر: ١
وآتيك بالموطن الذي ذكر به ثانية برقم: ( ٥٤ ) زيادة في الإيضاح، فقد جاء في: ٢ - كتاب الإيمان، ٣٩ - ما جاء أن الأعمال
بالنية والحسبة، ولكل امرىء ما نوى. قال:
45 - حدثنا عبد الله بن مسلمة قال: أخبرنا مالك، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم، عن علقمة بن وقاص، عن عمر: -
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الأعمال بالنية، ولكل امرىء ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله
ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه.(
]. ]ر: ١
3
وهذا العمل كما ترى يسهل على الباحث أن يجمع أطراف الحديث، لا سيما وأن البخاري رحمه الله تعالى قد يذكر جزءا من
الحديث في موطن، وجزءا آخر منه في موطن غيره، وقد يذكره كاملا في أحد المواطن دون غيرها، وهكذا، فبالإشارة إلى
مواطنه يستطيع الباحث أن يحصل على الرواية المتكاملة. أضف إلى ذلك: أنه يتعرف على طرق الحديث وروايته المختلفة، كما
رأيت في المثال المذكور، ففي رقم ( ١) ورد من طريق الحميدي عن سفيان بن يحيى بن سعيد، بينما في رقم [ ٥٤ ] ورد من
طريق عبد الله بن مسلمة عن مالك عن يحيى بن سعيد. وأيضا نجد اختلافا في بعض الألفاظ والجمل بين الروايتين، مثل قوله:
(فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله) حيث ذكرت في رقم [ ٥٤ ] بينما لم تذكر في رقم [ ١]، وكذلك أفرد
لفظ النية في رقم [ ٥٤ ] بينما جمع في رقم [ ١] ونحو ذلك.
هذا وتجدر الإشارة هنا إلى أنه: إذا تكرر الحديث بشكل متتابع في نفس الباب، أشرت إلى ذلك عند ذكر رقم أول رواية له،
٥٨ ثم أضع أرقام باقي الروايات بين قوسين هكذا ( ) ثم أذكر / بوضع رقم أول رواية ورقم آخر رواية على النحو التالي مثلا: ٥٧
أرقام المواضع التي يتكرر فيها، أو أشير إلى موضعه الأول، بعد آخر رواية تكررت على النحو المذكور.
وإليك مثالين يوضحان ذلك:
57/58 - حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى، عن إسماعيل قال: حدثني قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبد الله قال: بايعت رسول :
الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم.
58 )حدثنا أبو النعمان قال: حدثنا أبو عوانة، عن زياد بن علاقة قال: سمعت جرير بن عبد الله يقول يوم مات المغيرة بن شعبة، ):
قام فحمد الله وأثنى عليه، وقال: عليكم باتقاء الله وحده لا شريك له، والوقار، والسكينة، حتى يأيتكم أمير، فإنما يأتيكم الآن. ثم
قال: استعفوا لأميركم، فإنه كان يحب العفو، ثم قال: أما بعد فإني أتيت النبي صلى الله عليه وسلم قلت: أبايعك على الإسلام،
فشرط علي: (والنصح لكل مسلم). فبايعته على هذا، ورب هذا المسجد إني لناصح لكم. ثم استغفر ونزل.
[501، 1336، 2049، 2565، 2566، 6778].
147/148 - حدثنا إبراهيم بن المنذر قال: حدثنا ابن عياض، عن عبيد الله، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن واسع بن حبان، :
عن عبد الله بن عمر قال: ارتقيت فوق ظهر بيت حفصة لبعض حاجتي، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته،
مستدبر القبلة، مستقبل الشأم.
148 )حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا يحيى، عن محمد بن يحيى بن حبان: أن عمه واسع بن ):
حبان أخبره: أن عبد الله بن عمر أخبره قال: لقد ظهرت ذات يوم على ظهر بيتنا، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدا
على لبنتين، مستقبل بيت المقدس.
]. ]ر: ١٤٥
ومن الأمانة العلمية أن أقول هنا: إن الذي سهل لي عمل ذكر مواضع تكرار الحديث هو كتاب [فهارس البخاري] للشيخ رضوان
محمد رضوان، جزاه الله عن المسلمين خيرا.
4 - شرح الألفاظ والجمل الغريبة الواردة في الحديث، مما يجعل الحديث واضح المعنى، لدى القارىء الذي يرغب أن يكتفي -
بالمعنى العام والظاهر للحديث.
وطريقتي في هذا أن أضع أسفل الصفحة رقم الحديث الوارد في الأصل، وأذكر المفردة أو الجملة المراد شرحها ضمن قوسين من
هذا الشكل ( ) ثم يذكر بعدها الشرح، وينهى بنقطة، وهكذا أفعل بكل مفردة أو تركيب. والجدير بالذكر أني لا أكرر الشرح في
الأحاديث المتكررة، بل أذكر ذلك عند ذكره أول مرة، إلا إذا جاء في المكرر لفظ أو تركيب لم يشرح من قبل، أو لم يذكر،
فيشرح في موطنه.
)يتبع(...
)-تابع... ١): الحمد لله رب العالمين، الذي أنزل على عبده الكتاب ليكون للعالمين... ...
هذا، والمعلوم أن متن الصحيح مشكول شكلا كاملا، وقد يكون للفظ ضبط أو أكثر، فربما اكتفيت بشكله على ضبط واحد، وربما
شكل على جميع الأوجه.
5 - ذكر سور الآيات القرآنية الواردة في الصحيح وأرقامها في تلك السور، فإذا كانت الآية في الباب ذكرت ذلك في صلب -
المتن، وإذا كانت في الحديث ذكرت ذلك في الحاشية عقب شرح ألفاظها، وفي الغالب أتمم الآية أو الآيات المذكور جزء منها في
الصحيح، إذا كان الموطن يستدعي ذلك، كما أني أذكر اللفظ القرآني مع ذكر السورة والآية الذي كثيرا ما يشير إليه البخاري
رحمه الله تعالى بذكر معناه ونحو ذلك، مع شرح المفردات أو الجمل التي تحتاج إلى شرح من الآية أو الآيات.
وطريقتي في شرح ألفاظ وجمل الآيات الواردة في الباب: أن أضع رقم الباب في الحاشية أسفل الصفحة، ثم أكتب ما أريد شرحه
ضمن قوسين هكذا ( ) وأشرح على النحو الذي مر في شرح الأحاديث، وكذلك أفعل في إتمام الآيات إن وجد ذلك، مع شرح ما
يحتاج منها إلى شرح.
والبخاري رحمه الله تعالى يكثر من ذكر الألفاظ القرآنية وربما ضبطت على قراءة من القراءات، فإذا ضبطت على قراءة حفص
لم أنبه إلى غيرها، وإذا ضبطت على غير قراءة حفص نبهت إلى قراءته غالبا، وربما ذكرت صاحب القراءة الأخرى وربما لم
أذكره. وإذا كانت القراءة شاذة ذكرت ذلك صراحة، وقولي: وفي قراءة وقرىء لا يعني أنها قراءة شاذة.
4
6 - شرح الألفاظ والتراكيب التي لا تحتاج إلى شرح، في الآثار التي يوردها البخاري في صحيحه، عن الصحابة والتابعين -
وغيرهم. وبالمناسبة: فإن صحيح البخاري يمكن أن يعتبر كتاب حديث وفقه، لكثرة ما تضمنه من آراء فقهية، لكبار الصحابة
والتابعين والأئمة المجتهدين، وكثيرا ما يعطي البخاري رحمه الله تعالى رأيه في المسألة، ويسطره في صحيحه.
وطريقتي في هذه الشروح كطريقتي في شرح ألفاظ الآيات، والتي سبق ذكرها أيضا.
وبهذه الشروح الموجزة، للأحاديث والآيات والآثار، أكون قد وضعت يدي بين يدي المسلم، الراغب بالتعرف على السنة،
والإطلاع على الإسلام من منابعه الأصلية، نسخة لهذا الكتاب الجليل، مشروحة بما يسد الحاجة ويلبي الرغبة، بحجم صغير لا
يزيد عن حجم المتن كثيرا، بحيث يسهل تداوله واقتناؤه.
ومعتمدي في هذه الشروح: شروح البخاري، وفي مقدمتها [فتح الباري] لابن حجر العسقلاني، وغالبا ما أعتمد على [عمدة القاري]
للعيني، و[إرشاد الساري] للقسطلاني، و[فتح المبدي] شرح مختصر الزبيدي، و[النهاية في غريب الحديث] لابن الأثير، وكتب
التفسير، ومعاجم اللغة.
7 - يمتاز البخاري بتعليقاته، والتعليق: أن يحذف سند الحديث ويذكر المتن فقط، أو يحذف بعض سند الحديث، وهذه التعليقات -
ربما أسندها البخاري في مواطن أخرى من صحيحه وربما لم يسندها، وقد تكون مسندة عند غيره من أصحاب كتب السنة.
فإن كان البخاري رحمه الله تعالى أسند التعليق الذي ذكره في موطن آخر، أشرت إلى موطن إسناده على النحو التالي: [ر: ]
وأضع رقمه الذي جاء به مسندا. وإن كان فيه ما يحتاج إلى شرح في هذا الموطن شرحته على الطريقة السابقة في شرح الآيات
والآثار. وإن لم يسند البخاري رحمه الله تعالى هذا التعليق فإني أتركه دون ذكر من أسنده، وأكتفي بشرح ما يحتاج فيه إلى شرح.
8 - الإشارة إلى الأحاديث التي اتفق عليها البخاري ومسلم رحمها الله تعالى، وذلك بذكر موضع الحديث المتفق عليه في صحيح -
مسلم، بذكر الكتاب الذي يوجد فيه، وكذلك الباب والرقم المتسلسل له، في النسخة المرقمة بعمل محمد فؤاد عبد الباقي، رحمه الله
تعالى وجزاه عن المسلمين خيرا، ويكون ذلك في الحاشية، بعد وضع رقم الحديث في البخاري وقبل شرح ألفاظه. وللأمانة العلمية
أقول: إن الذي سهل لي هذا العمل الجليل أيضا: هو كتاب [اللؤلؤ